بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس إذاعة سيئون
بقلم : أحد المؤسسين والمذيعين
 جعفر محمد السقاف

لو عاش ذلك الشخص الذي دعا الصحافة بـ( صاحبة الجلالة ) إلى هذا اليوم يوم أزدهار دور الإذاعة .. لست أدري بماذا يدعو ( دور الإذاعة ) .. ؟ وماهي الكنى والرموز والالقاب التي ستمنح لها .. ؟ لأنني اعتقد أنه من أبجديات الأمور القول بأن الدور الذي تلعبه دور الإذاعة أهم من الدور الذي تلعبه الصحافة فمجال الإذاعة أوسع وفعاليتها انجح .. ونتيجتها أسرع .. ؟ فبرامج الإذاعة تصل إلى الجنود في معسكراتهم والتلاميذ في مدارسهم وإلى المطاعم والمشارب والمستشفيات وإلى العالم والعامل وأبن الشارع والأطفال وآبائهم وإلى الاعمى والبصير على حد سواء .. فالإذاعة أداة فعالة للتقريب بين الشعوب وربطهم بروابط وثيقه وإيجاد ثقة ومحبة .
وللتعريف فأن ارتباطي بالإذاعة كان في نهاية الثلاثينات وبداية الاربعينات حيث عشت أخبار الحرب العالمية الثانية وكنت ثالث ثلاثة ببلدي أملك راديو وأستمع للأخبار ثم أنشرها للمواطنين وكنت من أنصار الحلفاء وأقلد في نبرات صوتي المذيع ( عيسى خليل صباغ ) الذي أرتبطت به عندما تحول لصوت أمريكا ومدير علاقات مجلس الشؤون الإسلامية بنيويورك .
ولذا فعند ما وقع الأختيار علي في السبعينات لأكون أحد مذيعي ومقدمي برامج إذاعة سيئون المحلية لم يأت من فراغ بل أنني في الاربعينات ترأست تحرير مجلة ( زهرة الشباب ) الخطية والتي أنشر بها أخبار الحرب العالمية الثانية .. ولا أكتمكم سراً أن الحديث عن الإذاعة والصحافة بالنسبة لي يحلو ويطيب جداً وما أسعدني أن أسجل ذكرياتي عن أيام زمان افتتاحنا إذاعة سيئون المحلية عام 1973م فكنت ثالث ثلاثة تعتمد عليهم الإذاعة ( المخرج أبوبكر محسن الحامد ) والطالب هشام علي السقاف يتولى برامج الطلبة خاصة والرياضة .. أما المقرئين للقرآن عن الافتتاح فهما السيد محمد عبداللاه السقاف ( السوم ) والشيخ مهدي مسعود بارجاء ويشرف علينا مسؤول الدائرة الايديولوجية بالحزب ( الجبهة القومية ) ثم الاشتراكي .. وكان أول مجلس عقدناه للاتفاق على صيغة أفتتاح الإذاعة وكما هو مسجل بدفتر برامج كنت اقدمها هكذا الأفتتاح ( بدون بسمله أو حمد لله ) ( أعزائي المستمعين نرسل اليكم برامجنا الإذاعية لفترة هذا اليوم الموافق من شهر عام خير مانستهل به برامجنا لهذه الفترة تلاوة مباركة من آيات الله البينات يتلوها المقرئ الشهير ( أحد الاسمين المذكورين ) وقبل استهلال الافتتاح هذا طبعاً النشيد الوطني .. ثم البرامج ونهتم دائما بأخبارنا المحلية الفلاحين وانتفاضاتهم والرياضة والاجواء والانواء والامطار وأهم برنامج يقبل عليه الجمهور ( مايطلبه المستمعون ) حيث ينتشي المستمعون وخاصة الشباب حينما يسمعون اسمائهم يتردد صداهم على موجات الأثير ، وهناك الاعلانات وغيرها .
وكان موقع الإذاعة هو محل جهاز لا سلكي للأرسال التلغرافي الذي كانت بنايته على إدارة البريد والجمارك بجوار مبنى المحكمة الشرعية الآن .. وهذا البناء تهدم وأصبح محلة ساحة وموقف للسيارات ثم أنتقلنا إلى ( قصر السلطان – قصر الشعب الشامخ البنيان أما المهندس الذي يدير جهاز الإرسال اللاسلكي فهو ( قيس بن عمر – ملقب قعرور ) وقيس هذا تعلم الهندسة عند أخواله المهندسين ( عمر ومبارك وخميس حميد صاحب الورشة المشهورة ) ثم انضم الينا الشباب ( محمد عمر جواس ) و ( سالم عوض العامري ) و الفنان سالم صالح العامري .. ثم توسعت البرامج وانضم الينا الشاعر المبدع ( محمد عبد الله السقاف بانقيل ) وخصص له برنامج خاص نقد عادات المجتمع الضارة بأسلوب شيّق وجعل عنوانه ( أبو أربعة عيون ) فكان هذا البرنامج هو المفضل تقريباًعلى سائر البرامج ناهيك عن أشعار الشعراء بالفصحى والدارجة واغاني فرقة الوادي الأخضر بقيادة الموسيقار الكبير ( علي عبد الرحمن السقاف ) وتلاه الفنانون حسن بن طالب العامري وفنانين تريم المتعددون من أسرة آل كاف وآل باحشوان .... ألخ .
فيا لها من أيام سعيدة .. وقد صورت المؤسسين الأوائل للإذاعة وهم ( قيس عمر ) و ( ابوبكرمحسن ) و ( هشام السقاف ) وأنا منهم في فيلم سينمائي متحرك غير ناطق .. ويصعب استخلاص صورهم منه لانه متحرك ولاتوجد أجهزة نقل الصورة هن من الافلام المتحركة .. وعندما برز ( نادي الاحقاف الثقافي الرياضي ) كان له دور في تزويد الإذاعة بأخبار مبارياته الرياضية وجلساته الثقافية ثم ( المعرض الكبير الذي قام به في أحدى المناسبات الوطنية ولدي صور لبعض زوار هذا المعرض من رجال الدولة في تلك الفترة .. وأما برامجي التي أقدمها في الإذاعة فهي بحمد الله مكتوبة على دفترخاص احتفظ به منها برنامج ( الذكرى الـ 3 لوفاة العبقري الشهير علي باكثير ) عام 1973 وبرنامج ( شاعر وأغنية ) نموذج ( صالح الحامد ) وأغنية ( قف معي نشهد جمالاً ) و ( الشاعر الفكاهي الشبامي أحمد بركات ) والشاعر الشعبي ( ابو ريا ) وأما أحاديث ( أمثال وحكم شعبية ) فقد بلغت 20 حديثاً ولازال الجمهور يذكرني الفترة تلو الاخرى بتلك الاحاديث المتنوعة وبعضها محفوظ لدي .

قصيدة خاصة

الشاعر الكبير/العزّي المصوعي

عبر
الإذاعة تلتقي سيئون ميناء الحديدة
جاءت بشاديها ليسمعها من الوادي نشيدة
وأجاب شحرور الحديدة: بُرك سيئون التليدة
*******
ياطالما غنيت في سيئون
في دمّون
في مهوى تريم
في مربط التاريخ
في وادي الجمال بحضرموت
الشحر
ترهف سمعها البحر
يرويها معلّقة الجدود
ويد المكلا
فوق شاطئها
تقلّب صفحة المجد التليد
لابد يوماً ما
أحط بإذن الله رحالي
فيك
يا أرض السدود
يا غرّة اليمن السعيد

الحديدة 23/8/2005م